تشهد عدة محافظات مصرية حالة طوارئ غير مسبوقة، بعد الارتفاع الملحوظ في منسوب مياه نهر النيل الذي تسبب في غمر مساحات واسعة من الأراضي الزراعية وأجزاء من منازل مقامة على أراضي طرح النهر.
وتصدرت محافظات المنوفية والبحيرة وأسيوط المشهد مع تزايد التحذيرات الرسمية للأهالي بضرورة إخلاء المناطق المنخفضة المحيطة بمجرى النهر.
مساحات زراعية ومنازل غارقة
كشفت مصادر بوزارة الموارد المائية والري عن حصيلة أولية للخسائر، حيث غرق نحو 62 فدانًا في مركز منوف، و518 فدانًا في مركز أشمون، و70 فدانًا بمركز السادات، و35 فدانًا بقرى مركز الشهداء.
وفي قرية “دلهمو” بالمنوفية تحولت الأزمة إلى كارثة يومية، بعدما غمرت المياه عشرات المنازل وأراضٍ زراعية، ما دفع الأهالي لاستخدام مراكب صغيرة للتنقل أو حمل الأطفال على الأكتاف للوصول إلى المدارس.
وقال أحد المتضررين: “بيوتنا غرقت والعزال تلف، والزرع باظ، حتى الأفراح بقينا بنعملها وسط الميه”، في مشهد يعكس حجم المأساة.
أسباب الأزمة وتداعياتها
وفق وزارة الري، فإن ارتفاع التصريف المائي في هذا الوقت من العام يُعد أمرًا طبيعيًا ويساهم في تحسين نوعية المياه بفرع رشيد، إلا أن التعديات المستمرة على مجرى النيل منذ عام 2011 من ردم وبناء مخالف، أدت إلى تقليص القدرة الاستيعابية للنهر من أكثر من 300 مليون متر مكعب يوميًا إلى نحو 80 مليونًا فقط.
هذا التراجع جعل المحافظات، وعلى رأسها المنوفية والبحيرة، أقل قدرة على مواجهة أي فيضانات مفاجئة، وهو ما فاقم من حجم الأزمة الحالية.
متابعة حكومية وتحذيرات متواصلة
أكد رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي أن الحكومة تتابع الموقف بشكل يومي، محذرًا المزارعين في أراضي طرح النهر من مخاطر ارتفاع منسوب المياه خلال الأسابيع المقبلة، خاصة مع تدفقات فيضان السودان الناتجة عن تصريف سد النهضة الإثيوبي.
شدد مدبولي على أن الأرواح والممتلكات أولوية قصوى، لافتًا إلى أن الدولة أعدت خططًا استباقية للتعامل مع أي طارئ.
طمأنة من الخبراء
من جانبه، طمأن الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، المواطنين، مؤكدًا أن الفيضان لن يطال القرى أو المدارس أو المنازل، إذ أن مصر تتحكم في منسوب النيل عبر السد العالي.
وأوضح شراقي أن الأراضي التي غرقت بالفعل تقع ضمن نطاق أراضي طرح النهر المعروفة تاريخيًا بتعرضها للفيضانات، مشيرًا إلى أن مفيض توشكى لم يُستخدم بعد وهو قادر على استيعاب كميات ضخمة من المياه إذا استدعت الضرورة.
أزمة متكررة وحلول مطلوبة
رغم الطمأنة الحكومية والعلمية، تبقى الأزمة الحالية جرس إنذار جديد حول خطورة التعديات على مجرى النيل وضرورة وضع حلول جذرية لإزالة المخالفات وتعزيز قدرة النهر على استيعاب كميات المياه المتدفقة.
بينما يستعد المزارعون لمواجهة خسائرهم، يظل السؤال المطروح، هل تنجح الخطط الحكومية في الحد من تكرار مثل هذه الكوارث في السنوات المقبلة.















